قال القرافي: قوله: (إذا عملنا بكل دليل من وجه دون وجه، فقد تركنا العمل بالدلالة التبعية):
قلنا: ظاهر الحال يقتضي أن العمل بكل واحد منهما من وجه أن المدلول مطابقة ترك فيها؛ لأنه لم يعتبر في أحدهما مسماة بكماله، وهو المدلول مطابقة، وإنما اعتبر البعض، وهو المدلول تضمنا، فقد قدم التضمن التبع على المدلول مطابقة المتأصل.
غير أن مراده الترجيح في جانب النفي، لا في جانب الثبوت، فإذا عملنا بأحدهما بجملته، فقد ألغينا الآخر بجملته، فدخل النفي والإلغاء على المدلول مطابقة.
وإذا عملنا بكل واحد منهما من وجه، فقد ألغينا بعض المسمى، ولم نلغه كله، فصيانة الكل عن الإلغاء أرجح، مع أن للخصم أن يرجح مذهبه بجهة الثبوت.
ونقول ما ذكرتموه لا تثبت المطابقة فيهما، وفي إلغاء أحدهما بجملته تثبت المطابقة في أحدهما، وثبوت الراجح في صورة أولى من إلغائه مطلقا، كما أن ثبوت الحقيقة في صورة أولى من ثبوت المجاز مطلقا.
قوله:(الوجه الأول: الجمع بالاشتراك والتوزيع):
تقريره: أن المحكوم عليه في الخبرين قد يكون بسيطا لا جزء له، وقد يكون ذا أجزاء.
فالأول كالقذف ونحوه، إذا تعارضت فيه النيات؛ فإنه لا يمكن العمل ببعض القذف، أو بعض القتل، فيقل البعض دون البعض.