قال الرازي: إذا تعارض دليلان: فإما أن يكونا عامين، أو خاصين، أو أحدهما عاما، والآخر خاصا، أو كل واحد منهما عاما من وجه خاصا من وجه:
وعلى التقديرات الأربعة: فإما أن يكونا معلومين، أو مظنونين، أو أحدهما معلوما، والآخر مظنونا؛ وعلى التقديرات كلها: فإما أن يكون المتقدم ملعوما والمتأخر معلوما، أولا يكون واحد منهما معلوما.
فلنذكر أحكام هذه الأقسام:
القسم الأول: أن يكونا عامين، فإما أن يكون معلومين، أو مظنونين، أو أحدهما معلوما، والآخر مظنونا.
النوع الأول: أن يكونا معلومين: فإما أن يكون التاريخ معلوما، أو لا يكون: فإن كان ملعوما: فإما أن يكون المدلول قابلا للنسخ، أو لا يكون: فإن قبله، جعلنا المتأخر ناسخا للمتقدم سواء كانا آيتين، أو خبرين، أو أحدهما آية والآخر خبرا متواترا.
فإن قلت:(فما قول الشافعي هاهنا مع أن مذهبه: أن القرآن لا ينسخ بالخبر المتواتر، ولا بالعكس؟!):
قلت: هذا التقسيم لا يفيد، إلا أنه لو وقع لكان، المتأخر ناسخا للمتقدم، والشافعي يقول:(لم يقع ذلك)، فليس بين مقتضى هذا التقسيم، وبين قول الشافعي منافاة.