وإن كان مدلولهما غير قابل للنسخ، فيتساقطان؛ ويجب الرجوع إلى دليل آخر.
هذا إذا علم تقدم أحدهما على الآخر.
فأما إذا علم أنهما تقارنا، فإن أمكن التخيير فيهما، تعين القول به؛ فإنه إذا تعذر الجمع، لم يبق إلا التخيير، ولا يجوز أن يرجح أحدهما على الآخر بقوة الإسناد؛ لما عرفت أن المعلوم لا يقبل الترجيح، ولا يجوز الترجيح بما يرجع إلى الحكم أيضا؛ نحو كون أحدهما حاظرا، أو مثبتا حكما شرعيا؛ لأنه يقتضي طرح المعلوم بالكلية؛ وإنه غير جائز.
وأما إذا لم يعلم التاريخ: فهاهنا يجب الرجوع إلى غيرهما؛ لأنا نجوز في كل واحد منهما أن يكون هو المتأخر، فيكون ناسا للآخر.
النوع الثاني: أن يكونا مظنونبن، فإن نقل تقدم أحدهما على الآخر، كان المتأخر ناسخا، وإن نقلت المقارنة، أو لم يعلم شيء من ذلك، وجب الرجوع إلى الترجيح؛ فيعمل بالأقوى، وإن تساويا، كان التعبد فيهما التخيير.
النوع الثالث: أن يكون أحدهما معلوما، والآخر مظنونا:
فإما أن ينقل تقدم أحدهما على الآخر، أو لا ينقل ذلك، فإن نقل: وكان المعلوم هو المتأخر، كان ناسخا للمتقدم، وإن كان المظنون هو المتأخر، لم ينسخ المعلوم، وإن لم يعلم تقدم أحدهما على الآخر، وجب العمل بالمعلوم؛ لأنه إن كان هو المتأخر، كان ناسخا، وإن كان هو المتقدم، لم ينسخه المظنون، وإن كان مقارنا كان المعلوم راجحا عليه؛ لكونه معلوما.