القسم الثاني: من الأقسام الأربعة: أن يكونا خاصين، والتفصيل فيه كما في العامين من غير تفاوت.
القسم الثالث: أن يكون كل واحد منهما عاما من وجه، خاصا من وجه؛ كما في قوله تعالى:{وأن تجمعوا بين الأختين}[النساء: ٢٣] مع قوله: {إلا ما ملكت أيمانكم}[النساء: ٢٤].
وكما في قوله- عليه الصلاة والسلام-: (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها، إذا ذكرها) مع نهيه- عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة في الأوقات الخمسة المكروهة، فإن الأول عام في الأوقات، خاص في صلاة القضاء.
والثاني عام في الصلاة، خاص في الأوقات، فهذان العمومان: إما أن يعلم تقدم أحدهما على صاحبه، أو لا يعلم: فإن علم، وكانا معلومين، أو مظنونين، أو كان المتقدم مظنونا والمتأخر معلوما- كان المتأخر ناسخا للمتقدم على قول من قال: العام ينسخ الخاص المتقدم؛ لأنه إذا كان عندهم أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم، فما لم يثبت كونه أعم من اللفظ المتقدم أولى بأن يكون ناسخا.
وإن كان المتقدم معلوما، والمتأخر مظنونا، لم يجز عندهم أن ينسخ الثاني الأول؛ ووجب الرجوع فيهما إلى الترجيح.
فأما من يقول:(إن العام المتأخر يبنى على الخاص المتقدم، والخاص المتأخر يخرج بعض ما دخل تحت العام المتقدم) فاللائق بمذهبه ألا يقول في شيء من هذه الأقسام- بالنسخ؛ بل يذهب إلى الترجيح؛ لأنه ليس يتخلص كون المتأخر أخص من المتقدم؛ حتى يخرج من المتقدم ما دخل تحت المتأخر، وأما إذا لم يعلم تقدم أحدهما على الآخر: فإن كانا معلومين، لم يجز ترجيح أحدهما