أما في الأعم من وجه أمكن أن يقال: التعارض إنما وقع في البعض المشترك بين النصين.
فإذا أبطلنا الحكم فيه بالنص المتأخر أمكن أن يكون ذلك تخصيصا؛ لأنه إخراج بعض الأول، ولم يتعين أنه مراد، ولا عمل بالنص السابق مطلقا حتى يتعين النسخ، بخلاف العام مطلقا حصلت المعارضة في جملة الأفراد، فتعين النسخ.
فهذا فرق قوي يمنع هذا التخريج على أصول الحنفية.
قوله:(إن كان المتأخر مظنونا امتنع النسخ عندهم، ووجب الترجيح):
قلنا: هذا الكلام يشعر بطلب الترجيح بأمر خارج، وأن المتعين الوقف حتى يتبين الترجيح، وليس كذلك، بل التعارض إنما وقع في البعض، وقد شاركه دليل ملعوم ودليل مظنون، فيتعين إعمال المعلوم المتقدم من غير توقف، ولا طلب الترجيح، وإن كان مقصودكم بالترجيح هذا القدر، فكان ينبغي أن تكون العبارة تعين المعلوم وتقدمه على المظنون من غير إيهام هذا التوقف، والترجيح الخارجي.
قوله:(من يقول: العام المتأخر ينبني على الخاص المتقدم، فاللائق بمذهبه ألا يقول في شيء من هذه الأقسام بالنسخ، بل بالترجيح):
قلنا: هذا الإطلاق لا يتأتى على هذا المذهب، بل صاحب هذا المذهب يقدم المعلوم على المظنون، ولا يحتاج إلى الترجيح إلا في المعلومين، أو المظنونين.
فهذا الإطلاق يجب فيه هذا التفضيل.
قوله:(إذا لم يترجح أحدهما على الآخر، فالحكم التخيير):
قلنا: هذا على مذهب القاضي، والمشهور في تعارض الأمارتين.