والعام مطلقا هو الذي يوجد مع كل أفراد الأخص وبدونه كـ (الحيوان) و (الناطق)، وكل جنس مع نوعه، وكل لازم أعم مع ملزومه، كالزوجية مع العشرة، فإذا شمل كل أفراد حقيقة الآخر، ووجد بدونه كان أعلم مطلقا، والآخر أخص مطلقا.
والأعم من وجه والأخص من وجه هما اللذان يجتمعان في صورة، وينفرد كل واحد منهما بنفسه في صورة كـ (الحيوان) و (الأبيض) اجتمعا في (الإنسان) و (الأبيض)، وانفرد (الحيوان) و (الزنج)، وغيره من الحيوانات بدون (الأبيض)، وانفرد (الأبيض) بـ (الجير) و (الثلج) وغيرهما دون الحيوان. هذا في الحقائق، ومثله في النصوص، فقد تتباين المدلولات كالمؤمنين والكافرين، وقد يتساويان كـ (الإنسان) و (البشر).
وقد يكون أعم مطلقا كـ (الكفار) و (الرهبان).
وقد يكون أعم من وجه كالآية المحرمة للجمع بين الأختين مع الآية المبيحة لملك اليمين؛ فإن ملك اليمين يوجد مع تحريم الأختين في الأختين المملوكتين، وينفرد الملك دون الإباحة في موطوءات الآباء وغيرهن.
وتنفرد الإباحة دون الملك بالحرائر.
قوله:(المتأخر ناسخ للمتقدم على قول من يقول: العام المتأخر ناسخ للخاص المتقدم):
تقريره: أن ها القائل هو الحنفية، وقد تقدم البحث معهم في ذلك.
قوله:(ما لم يثبت كونه أعم من المتقدم أولى أن يكون ناسخا):
قلنا: التقدير أنه أعم من وجه، فلا معنى لقولكم: إنه لم يثبت، بل العبارة الصحيحة التي يمكن أن تقال: ما لم يكن عاما مطلقا أولى أن يكون ناسخا؛ لأنه خاص من وجه، فهو أقوى، مع أنه يرد عليه أن العلم مطلقا آت على جملة أفراد الخاص المتقدم، فتعين النسخ عندهم.