أحدها: أن رواية الفقيه راجحة على رواية غير الفقيه.
وقال قوم: هذا الترجيح؛ إنما يعتبر في خبرين مرويين بالمعنى؛ أما المروي باللفظ، فلا.
والحق أنه يقع به الترجيح مطلقا؛ لأن الفقيه يميز بين ما يجوز، وبيم ما لا يجوز، فإن حضر المجلس، وسمع كلاما لا يجوز إجراؤه على ظاهره، بحث عنه، وسأل عن مقدمته، وسبب وروده؛ فحينئذ: يطلع على الأمر الذي يزول به الإشكال.
أما من لم يكن عالما: فإنه لا يميز بين ما يجوز، وبين ما لا يجوز فينقل القدر الذي سمعه، وربما يكون ذلك القدر وحده سببا للضلال.
وثانيها: إذا كان أحدهما أفقه من الآخر، كانت رواية الأفقه راجحة؛ لأن الوثوق باحتراز الأفقه عن ذلك الاحتمال المذكور أتم من الوثوق باحتراز الأضعف منه.
وثالثها: إذا كان أحدهما عالما بالعربية، كانت روايته راجحة على من لا يكون كذلك؛ لأن الواقف على اللسان يمكنه من التحفظ من مواضع الزلل، ما لا يقدر عليه غير العالم به.
ويمكن أن يقال: بل هو مرجوح؛ لأن الواقف على اللسان يعتمد على معرفته؛ فلا يبالغ في الحفظ؛ اعتمادا على خاطره والجاهل باللسان يكون خائفا، فيبالغ في الحفظ.
ورابعها: رواية الأعلم بالعربية راجحة على رواية العالم بها؛ والوجه ما تقدم في الأفقه.