وخامسها: أن يكون أحدهما صاحب الواقعة في ما يروي، فيكون خبره راجحا؛ ولهذا أوجبنا الغسل بالتقاء الختانين؛ بحديث عائشة- رضي الله عنها- في ذلك، ورجحناه على رواية غيرها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الماء من الماء) لأن عائشة كانت أشد علما بذلك.
ورجح الشافعي رواية أبي رافع، على رواية ابن عباس في تزويج ميمونة؛ لأن أبا رافع كان السفير في ذلك؛ فكان أعرف بالقصة.
وسادسها: رواية من مجالسته للعلماء أكثر، أرجح.
وسابعها: رواية من مجالسته للمحدثين أكثر، أرجح.
وثامنها: أن يكون طريق إحدى الروايتين أقوى؛ وذلك إذا روى ما يقل اللبس؛ كما إذا روى أنه شاهد زيدا ببغداد وقت السحر، والآخر يروي أنه شاهده وقت الظهر بالبصرة؛ فطريق هذا أظهر، والاشتباه على الأول أكثر.
أما التراجيح الحاصلة بالورع، فهي على وجوه:
أحدها: رواية من ظهرت عدالته بالاختبار- راجحة على رواية مستور الحال عند من يقبلها.
وثانيها: رواية من عرفت عدالته بالاختبار- أولى من رواية من عرفت عدالته بالتزكية؛ إذ ليس الخبر كالمعاينة.
وثالثها: رواية من عرفت عدالته بتزكية جمع كثير- أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية جمع قليل.
ورابعها: رواية من عرفت عدالته بتزكية من كان أكثر بحثا في أحوال الناس، واطلاعا عليها- أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية من لم يكن كذلك.