تقريره: أن قوله عليه السلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور والآن فزوروها).
إذا قدمنا الإباحة لزم أن تكون البراءة الأصلية ارتفعت بالنهي، والنهي ارتفع بالإباحة، فما ارتفع الحكم الشرعي إلا مرة، وهو رفع النهي السابق.
وإذا رجحنا النهي كان هو المتأخر، فيكون قد نسخ الإباحة، والإباحة مؤكدة للبراءة الأصلية، فما لزم أيضا النسخ في الحكم الشرعي إلا مرة واحدة، وعلى هذا يكزن كلامه لا يتم؛ لأنه إن أراد النسخ في الحكم الشرعي، فهو مرة فيهما.
وإن أراد النسخ اللغوي الذي هو مطلق الرفع حتى في البراءة الأصلية التي لا يسمي الفقهاء رفعها نسخا، فينعكس عليه الحال، ويكون تقديم الإباحة يلزم منها النسخ مرتين؛ لأنها رافعة للنهي، والنهي رافع للبراءة.
أما ترجيح النهي وهو الضد، فيلزم أن يكون رافعا للإباحة، والإباحة مؤكدة للبراءة الأصلية، فلا يلزم النسخ إلا مرة واحدة، وهذا يؤدي إلى ترجيح ضده عليه.
ثم قوله في الكتاب:(إن تقديمه يقتضي النسخ مرة) يصدق التقديم بطريقين.