وهذا الأخير فيه نظر؛ فإن إعطاء أهل الحرب فداء الأساري مأمور به إجماعًا من قبل الله تعالى، والكفار آثمون بأخذه، بناء على أنهم مخاطبون بالفروع، وقاطع الطريق إذا عجز عنه إلا بإعطاء التافه اليسير جاز الإعطاء له، وهو حرام عليه.
وكذلك من عجز عن منعه من الزنا بامرأة إلا بدفع مال وجب الدفع، والأخذ عليه حرام.
وبالجملة: التصرف في الأحكام الشرعية بالقضاء، لا يتوقف على الوحي، وليس هو المراد - هاهنا - إجماعًا.
قوله:(احتجوا بقوله تعالى:} فاعتبروا ....... {):
قلنا: قد تقدم ما هو على هذا الموضع في كتاب (القياس).
قوله:(فيكون مأمورًا بالقياس، وإلا قدح في عصمته):
قلنا: هذا كلام غير منتظم، إنما ينتظم إن لم يقسم مع أنه مأمور حتى يكون عاصيًا؛ فيقدح ذلك في العصمة، أما كونه ليس مأمورًا لا يقدح ذلك في العصمة، وكم من شيء نحن مأمورون به، وليس هو - عليه السلام - مأمورًا به.
فإنا مأمورون بالتقليد للعلماء، وبرواية نصوص الدين، والنظر في التخريج، والتعديل، وتدوين العلوم والقرآن والقراءات وكتب النحو واللغة، وغير ذلك من الأحكام؛ مع أنه - عليه السلام - لم يؤمر بشيء من ذلك، ولم يقدح ذلك في عصمته، وكيف يقدح عدم التكليف في العصمة؟ إنما يقدح ترك المكلف به بعد التكليف.
قوله:(ترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات العقول):
قلنا: لا نسلم؛ فإن إخبار العدل الواحد في الدماء وغيرها راجح صدقه على كذبه، ولم يحكم بموجب صدقه، ولا بكذبه؛ بل تركنا القسمين، ولم يقض العقل، ولا الشرع فيهما بشيء.