للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان) معناه: إن استقضيت في وجوه النظر والاستدلال، فمن الله، وإن قصرت، فمني، ومن الشيطان.

وأما المعارضة الثانية، فجوابها: أن الأنصار ما سمعوا ذلك الحديث؛ فلا جرم لم يستحقوا التفسيق والبراءة؛ بخلاف هذه المسائل؛ فإن كل واحدٍ من المجتهدين عرف حجة صاحبه، وأطلع عليها، فلو كان مخطئاً، لكان مصرًا على الخطأ بعد اطلاعه عليه، فأين أحد البابين من الباب الآخر؟.

وهذا هو الجواب أيضًا عن اختلافهم في مانعي الزكاة، وقصة المجهضة.

قوله على الوجه الرابع: لما جاز أن تكون المذاهب المختلفة في الدماء والفروج خفيةً؛ فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيها صغيرًا، لا كبيرًا؟):

قلنا: قد ذكرنا الدليل على أن الخطأ في هذا الباب لابد وأن يكون كبيرًا، ولأنه روي أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (من سعي في دم مسلمٍ، ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه: آيس من رحمة الله). فهذا وأمثاله من الأحاديث التي لا حد لها يدل على أنه لو كان المفتي في هذه الوقائع مخطئًا، لكان خطؤه كبيرةً، لا صغيرةً.

وخامسها: لو كان المجتهد مخطئًا، لما حصل القطع بكون الخطأ فيه مغفورًا، وقد حصل ذلك، فهو ليس بمخطئ.

بيان الملازمة: أنه لو حصل القطع بكون الخطأ مغفورًا، لكان في ذلك الوقت: إما أن يجوز المخطئ كونه مخلاً بنظرٍ يلزمه فعله، أو لا يجوز ذلك:

فإن لم يجوز ذلك، كان كالساهي عن النظر الزائد، فلم يكن مكلفًا بفعله،

<<  <  ج: ص:  >  >>