وإذا لم يكن مكلفًا بفعله، لم يستحق العقاب بتركه؛ فلا يكون مخطئًا؛ وقد فرض مخطئًا؛ هذا خلف.
وإن جوز كونه مخلاً بنظرٍ زائدٍ، لم يخل: إما أن يعلم في تلك الحالة: أنه مغفور له إخلاله بذلك النظر الزائد، أو لا يعلم ذلك:
فإن علم ذلك، لم يصح؛ لأن المجتهد لا يعلم المرتبة التي إذا انتهي إليها، غفر له ما بعدها؛ لأنه إن اقتصر على أول المراتب، لم يغفر له ما بعدها وما من مرتبةٍ ينتهي إليها، إلا ويجوز ألا يغفر له ما بعدها، ولا تتميز بعض تلك المراتب من بعضٍ، ولأنه لو عرف تلك المرتبة، لكان مغري بالمعصية؛ لأنه علم أنه لا مضرة عليه في ترك النظر الزائد، مع كونه مثابًا عليه.
فثبت أنه لا يعرف تلك المرتبة، وإذا لم يعرفها، جوز ألا يغفر له إخلاله بما بعدها من النظر، وجوز أيضًا في كل مخطئ من المجتهدين: أنهم ما انتهوا إلى المرتبة التي يغفر لهم ما بعدها؛ وفي ذلك تجويز كونهم غير مغفورٍ لهم.
فثبت أنه لو كان مخطئًا، لما حصل القطع بكونه مغفورً له؛ لكنه حصل القطع بذلك؛ لأنهم اتفقوا من لدن عصر الصحابة إلى يومنا هذا: أن ذلك مغفور لهم، فعلمنا أن المجتهد ليس بمخطئٍ.
وسادسها: قوله - عليه الصلاة والسلام-: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم، اهتديتم) خير الناس في تقليد أعيان الصحابة، وكان الصحابة مختلفين في المسائل، فلو كان بعضهم مخطئًا في الحكم، أو الاجتهاد، لكان قد حثهم على الخطأ والمصير إليه، وإنه لا يجوز.
وسابعها: قوله - عليه الصلاة والسلام - لمعاذٍ، لما رتب الاجتهاد على