ولما كان هذا الإشكال واردًا على المذهبين، وجب أن نذكر تقسيمًا في باين الحوادث النازلة بالمكلفين؛ ليظهر أنه لا نزاع فيها؛ فنقول: الحادثة: إما أن تنزل بمجتهدٍ، أو بمقلدٍ:
فإن نزلت بمجتهد: فإما أن يختص به، أو تتعلق بغيره: فإن اختصت به، عمل بما يؤديه إليه اجتهاده، فإن استوت عنده الأمارات، تخير بينها، أو يعاود الاجتهاد إلى أن يظهر الرجحان، وإن تعلقت بغيره؛ فإن كان يجري فيه الصلح؛ نحو التنازع في مالٍ - اصطلحا فيه، أو رجعا إلى حاكمٍ يفصل بينهما، إن وجد، فإن لم يوجد، رضيا من يحكم بينهما، ومتى حكم، لم يكن لهما الرجوع عنه.
وإن لم يجر الصلح فيه؛ كما ذكرنا في مسألة الكنايات - فإنهما يرجعان إلى من يفصل بينهما، سواء كان صاحب الحادثة مجتهدًا وحاكمًا، أو لم يكن؛ فإن الحاكم لا يجوز له أن يحكم لنفسه على غيره، بل ينصب من يقضي بينهما.
وإن كان مقلدًا: فإن كانت الحادثة تخصه، عمل على ما اتفق عليه من الفتوى، وإن اختلفوا، عمل بفتوى الأعلم الأورع، فإن استويا، تخير بينهما، وإن كانت تتعلق بغيره، عمل - كما بيناه - في حق المجتهدين.
مسألة: في نقض الاجتهاد: المجتهد إذا تغير اجتهاده، ففيه بحثان:
الأول: أن المجتهد، كيف يعمل؟.
والثاني: أن العامي الذي عمل بفتواه، كيف يعمل؟.
أما الأول فنقول: المجتهد إذا أفضى اجتهاده إلى أن الخلع فسخ؛ فنكح امرأةً