أجر واحد) صرح بالتخطئة، وهذه التخطئة ليست لأجل مخالفة حكمٍ واقع؛ لأنا قد دللنا على أنه لا حكم؛ فلابد وأن يكون لأجل كونه مخالفًا لحكمٍ مقدر، وهو الأشبه.
وأما المعقول: فهو: أن المجتهد طالب، والطالب لابد له من مطلوبٍ، ولما لم يكن المطلوب معينًا وقوعًا، وجب أن يكون معينًا تقديرًا.
والجواب: أن ذلك الأشبه، إن كان هو العمل بأقوى الأمارات، فهو حق، وهو قولنا.
وإن كان غيره، مع أن الله - تعالى - لم ينص عليه - ولا أقام عليه دلالة، ولا أمارة - فكيف يكون مخطئًا بالعدول عنه، وكيف ينقص ثوابه، إذا لم يظفر بما لم يكلف بإصابته، ولا سبيل إلى إصابته، وهذا هو بعينه الجواب عن الوجه المعقول.
مسألة: القائلون بأن المصيب واحد احتجوا:
بأن القول بتصويب الكل يفضي إلى وقوع منازعةٍ لا يمكن قطعها، وهذا كما إذا نكح رجل امرأةً، وكانا مجتهدين، ثم قال:(أنت بائن) ثم راجعها، والزوج شافعي يري الرجعة، والمرأة حنفية ترى الكنايات بواثن، فها هنا الزوج متمكن شرعًا من مطالبتها بالوطء، والمرأة مأمورة بالامتناع، وهذه منازعة لا يمكن قطعها.
قال المصوبون: هذا الإشكال وارد عليكم أيضًا؛ فإن أهل التحقيق منكم ساعدوا على أنه يجب على المجتهد العمل بموجب ظنه، إذا لم يعرف كونه مخطئًا، فهذا الإلزام أيضًا واردٌ عليكم.