والثاني: هو أنه يلزم منه أن النبي -عليه السلام -لم يكن عالمًا بالتوحيد، وهو محال.
الثاني: هو أنه وإن سلم -جدلاً -فما الدليل على وجوبه على غيره؟
قوله تعالى:{واتبعوه}[الأعراف: ١٥٨] دلالته على وجوب التقليد له أقرب من دلالته - على وجوب مساواته في التصدي لمنصب النظر والاجتهاد، ولهذا لو قال لواحد من الجمع: أوجبت عليك طلب القبلة بالنظر، والاجتهاد، وقال لمن عداه: أوجبت عليكم اتباعه، كان السابق منه إلى الفهم وجوب الأخذ بقوله، والتوجه إلى حيث يتوجه هو باجتهاده.
قال: والجواب عما استدل به الفقهاء على عدم وجوب العلم بذلك أن القناعة بنفس الكلمة من غير مطالبة باعتقاد هذه القضايا، وإن كانت من الجلف الجافي وضع السيف عنه، لا يدل على عدم وجوب تحصيل المعارف حقيقة؛ فإنه لا خلاف في وجوب موافقة القلب لمقتضى الكلمة، واعتقاد صحة مضمونها مع القناعة بنفس الكلمة في عصمة الدم، وثبوت أحكام الدنيا مع العلم بانتفاء العقيدة، كما في حق المنافقين، أو الجهل بثبوتها كما في حق من أسلم تحت ظلال السيوف.
فإن قيل: ولكن نبه على وجوب الاعتقاد، وذم النفاق، وأوعد المنافقين أشد العقاب.
قلنا: وكذلك نبه؛ بل صرح بوجوب تحصيل هذه المعارف بالنظر. قال تعالى:{قل انظروا ماذا في السموات والأرض}[يونس: ١٠١]، {قل سيروا في الأرض}[الأنعام: ١١]، {أفلم يسيروا في الأرض}[غافر: ٨٢]، أي: بالاعتبار والفكر في القرون الماضية، {الله الذي خلق سبع سموات، ومن الأرض مثلهن}[الطلاق: ١٢] إلى آخر السورة.