من الاستضاءة والاستظلال، قبح ذلك منه؛ والله -تعالى -لو منع، من الانتفاع، لم يقبح):
والجواب عن الأول: أنا احترزنا عنه بقولنا: (ولا ضرر على المنتفع ظاهرًا) وهاهنا في فعل ما نهى الله عنه، ترك ما أمر به ضرر، أما على قول المعتزلة: فلأنه لولا اشتمال الفعل والترك على جهة؛ لأجلها حصل النهى، وإلا لما جاز ورود النهى، وأما عندنا: فلأن الله -تعالى -لما توعدنا بالعقاب عليه، كان مشتملاً على الضرر؛ فلم يكن واردًا علينا.
وعن الثاني: أنه لا يجب أن يكون الفرع مساويًا للأصل من كل الوجوه؛ بل يكفى حصول المساواة فيه من الوجه المقصود.
المسلك الخامس: وهو أن الله -تعالى -خلق الأعيان: إما لا لحكمة، أو لحكمة.
والأول باطل؛ لقوله تعالى:{وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين}[الدخان: ٣٨] وقوله: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا}[المؤمنون: ١١٥] ولأن الفعل الخالي عن الحكمة عبث، والعبث لا يليق بالحكيم.
وأما إن كان خلقها لحكمة، فتلك الحكمة: إما عود النفع إليه، أو إلينا.
والأول: محال؛ لاستحالة الانتفاع عليه، فتعين أنه -تعالى -إنما خلقها؛ لينتفع بها المحتاجون؛ وهذا يقتضى أن يكون المقصود من الخلق نفع المحتاج، وإذا كان كذلك؛ كان نفع المحتاج مطلوب الحصول، أينما كان، فإن منع منه؛ فإنما يمنع، لأنه بحيث يلزمه رجوعه ضرر إلى محتاج.