المسلك الثاني: قوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}[الأعراف: ٣٢] أنكر الله -تعالى -على من حرم زينة الله؛ فوجب ألا تثبت حرمة زينة الله، وإذا لم تثبت حرمة زينة الله، امتنع ثبوت الحرمة في كل فرد من أفراد زينة الله؛ لأن المطلق جزء من المقيد، فلو ثبتت الحرمة في فرد من أفراد زينة الله تعالى لثبتت الحرمة في زينة الله تعالى؛ وذلك على خلاف الأصل، وإذا انتفت الحرمة بالكلية، ثبتت الإباحة.
المسلك الثالث: أن -الله -تعالى قال:{أحل لكم الطيبات}[المائدة: ٤] وليس المراد من الطيب الحلال؛ وإلا لزم التكرار؛ فوجب تفسيره بما يستطاب طبعًا، وذلك يقتضى حل المنافع بأسرها.
المسلك الرابع: القياس: وهو أنه انتفاع بما لا ضرر فيه على المالك قطعًا، ولا على المنتفع ظاهرًا؛ فوجب ألا يمنع؛ كالاستضاءة بضوء سراج الغير، ولاستظلال بظل جداره.
وإنما قلنا: إنه لا ضرر فيه على المالك؛ لأن المالك هو الله تعالى، والضرر عليه محال، وأما ملك العباد، فقد كان معدومًا، والأصل بقاء ذلك العدم، ترك العمل به فيما وقع اتفاق الخصم على كونه مانعًا، فيبقى في غيره على الأصل.
فإن قيل: (فهذا يقتضى القول بإباحة كل المحرمات؛ لأن فاعلها ينتفع بها، ولا ضرر فيها على المالك، ويقتضى سقوط التكاليف بأسرها، ولا شك في فساده.
وأيضًا: بالقياس على الاستضاءة والاستظلال غير جائز؛ لأن المالك لو منع