نعم لو التزمنا في أصل المسألة أنه يكون واجبًا، أو محرمًا امتنع.
قوله:(لا يجوز تكليف الإنسان بما لا ينفك عنه):
قلنا: خصوص الفعل، أو خصوص الترك يمكن الانفكاك عنه، مع أنا قد بينا أن الصواب أعم من التكليف.
قوله:(يمتنع الاتفاق في الأشياء الكثيرة):
قلنا: أما بالنسبة إلى مقاصد الإنسان والحيوانات، فتحيله العادة باعتبار الاختيار الحيواني.
وأما بالنسبة إلى الجواز العقلي، وما يقبله بيان الربوبية في الشرائع، فغير محل النزاع؛ لأن العقل يجوز أن يقع ذلك في العوائد في الأفعال البشرية.
وإنما العوائد قد تعين أحد الجائزين بالوقوع، كما تعين بقاء البحر ماء مع جواز انقلابه زيتًا، ونحوه.
ولذلك عينت أن الشيخ الذي شاهدناه - الآن - لم يولد شيخًا؛ بل طفلاً، ثم متدرجًا في الأسنان حتى صار شيخًا؛ مع جواز خلقه في العقل شيخًا، ونظائر ذلك كثيرة.
والبحث ما وقع في هذه المسألة إلا عن الجواز، وأنتم تصديتم للاستجالة، وإثباتها. وما ذكرتموه لا يكفي فيها، بل جواز هذا على الله - تعالى - لجواز بعثه الرسل بالشرائع، والمعجزات الخوارق، وهذا كله خارج عن نمط العادة، فكذلك هاهنا.
وبهذا ظهر الجواب عن قوله في كتابة المصحف من الجاهل، ونحوه؛ فإن تلك احتمالات عادية، يجوز على الله - تعالى - أن يغيرها، فهي من قبيل الجائزات على الله - تعالى - مما نحن فيه.