للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين، فيقتلونهم، ثم يقتلون الأساري.

فيجوز أن يقول قائل: هذا الأسير مقتول بكل حالٍ، فحفظ كل المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ المسلم الواحد.

قال: وإنما اعتبرنا هذه المصلحة؛ لاشتمالها على ثلاثة أوصافٍ، وهي: أنها ضرورية، قطعية، كلية.

واحترزنا بقولنا: (ضرورية) عن المناسبات التي تكون في مرتبة الحاجة، أو التتمة.

وبقولنا: (قطعية) عما إذا لم نقطع بتسلط الكفار علينا، إذا لم نقصد الترس، فإن هاهنا: لا يجوز القصد إلى الترس، وكذلك: قطع المضطر قطعة من فخذه لا يجوز؛ لأنا لا نقطع بأنه يصير ذلك سببًا للنجاة، وبقولنا: (كلية) عما لو تترس الكافر في قلعة بمسلمٍ، فإنه لا يحل رمي الترس؛ إذ لا يلزم من عدم استيلائنا على تلك القلعة فساد يعم كل المسلمين.

وكذا: إذا كان جماعة في سفينة، ولو طرحوا واحدًا، لنجوا، وإلا، غرقوا بجملتهم، فهاهنا لا يجوز؛ لأن ذلك ليس أمرًا كليا؛ فهذا محصل ما قاله الغزالي - رحمه الله-.

ومذهب مالك - رحمه الله -: أن التمسك بالمصلحة المرسلة جائز.

واحتج عليه بأن قال: كل حكمٍ يفرض: فإما أن يستلزم مصلحة خاليةً عن المفسدة، أو مفسدةً خالية عن المصلحة، أو يكون خاليًا عن المصلحة والمفسدة بالكلية، أو يكون مشتملاً عليهما معًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>