الملك في إفساد صوم رمضان شهرين متتابعين؛ إذ لو أفتى بعتق رقبة، لسهل عليه ذلك):
قلنا: هذا المثال قد يتخيل فيه أنه ليس مما أبطله الشرع؛ لقيام الفارق بين الملوك وغيرهم، وأن الكفارة إنما شرعت زجرًا، والملوك لا تنزجر بالإعتاق، فتعين ما هو زجر في حقهم.
فهذا نوع من النظر المصلحي الذي لا تأباه القواعد.
وأظهر منه انعقاد الإجماع على عدم منع زراعة الكرم، وإن أدى المنع لعدم الخمر، وعدم منع الاشتراك في المساكن، وإن أدى المنع لعدم الزنا المتوقع من قرب الدار، فسد ذريعة الخمر، والزني مصلحتان، وقد ألغيتا هاهنا إجماعًا.
قوله:(لا نحكم بالمصلحة المرسلة في محل الحاجة، والتتمة؛ لأنه إثبات شرع بالرأي):
قلنا: عليه سؤالان:
أحدهما: المنع، بل ما ثبت ذلك إلا باجتهاد صحيح، وأن الاستقراء دل على أن الشرائع مصالح، وأن الرسل - عليهم السلام - إنما بعثوا بالمصالح ودرء المفاسد، فمن أثبت ضرورة، أو حاجة، أو تتمة بالمصالح، فقد اعتمد على قاعدة الشرائع، فلا يكون إثباتًا للشرع بالهوى.
وثانيهما: أنه إن كان إثباتًا بالهوى، فينبغي أن يمنع ذلك في الضرورة بطريق.