لمالكيه، وجاه المسلمين، كالعامل في القراض، فأشبه متجرهم القراض، فجعل قراضا، فكان النصف للمسلمين، والنصف لرب المال، وهذا مدرك حسن ليس فيه اتهام الصحابة - رضوان الله عليهم - بأخذهم مالا يستحقونه من بيت المال، ولم يخونوا، ولم يخرج مالك عن هذا.
ولا يوجد لمالك مصادرة أحد؛ لأنه متهم أصلاً.
وكذلك جعل الطرطوشي قول عمر لابنيه عبد الله، وعبيد الله، لما دفع لهما أبو موسى الأشعري من بيت مال (العراق) مالاً، قال: اتجرا فيه، وأديا رأس المال لعمر، وخذوا فائدته، فقال عمر:(أكل الجيش فعل معه ذلك)؟، فقال: لا، فقال: ابنا أمير المؤمنين أديا المال وربحه، فقال عبيد الله: يا أمير المؤمنين لو هلك المال ضمناه.
فقال: أديا المال وربحه.
وكثرت المراجعة بينهما، فقال له: عبد الرحمن بن عوفٍ: (اجعله قراضًا يا أمير المؤمنين، فجعله قراضًا)، فكانت هذه الواقعة أصلاً للقراض عند العلماء، حتى إنه لا يعلم في القراض كتاب، ولا سنة تدل على مشروعية القراض غير هذا الموضع.
غير أن الإجماع انعقد على جوازه بناء على هذه الواقع'، أو غيرها؟، الله أعلم بذلك، حكاه ابن حزم في كتابه (الإجماع)؟
وكيف يجعل عمر، أو جميع الصحابة الذين كانوا عنده ما كان قرضًا مضمونًا قراضًا غير مضمون؟ وكيف يحل أخذ نصف ربح مال القراض؟.
قال الطرطوشي: جعلوه قراضًا؛ لأن ولدى أمير المؤمنين إنما تمكنا من ذلك بجاه أبيهما الذي هو جاه المسلمين، فكان للمسلمين النصف - كما تقدم في العمال - حرفًا بحرف، وليس في هذا خروج عن القواعد، ولم يبح مالك دمًا ولا مالاً بغير دليل شرعي.