أحدهما: أنا اجتهدنا في الطلب، فما وجدنا، وهذا القدر عذر في حق المجتهد بالإجماع؛ فوجب أن يكون عذرًا في حق المناظر؛ لأنه لا معنى للمناظرة إلا بيان ما لأجله قال بالحكم.
وثانيهما: أنه لو وجد في المسألة نص، لعرفه المجتهدون ظاهرًا، ولو عرفوه، لما حكموا على خلافه ظاهرًا؛ فحيث حكموا على خلافه، علمنا عدمه.
أما الإجماع: فهو منفي؛ لأن المسألة خلافية، ولا إجماع مع الخلاف.
وأما القياس: فمنفي لوجهين:
أحدهما: أن القياس لابد فيه من أصلٍ، والأصل هو الصورة الفلانية، والفارق الفلاني موجود، ومع الفارق لا يمكن القياس؛ أقصى ما في الباب أن يقال: لم لا يجوز القياس على صورةٍ أخرى؟ ز
فنقول: لأنا بعد الطلب لم نجد شيئًا يمكن القياس عليه، إلا هذه الصورة، وهذا القدر عذر في حق المجتهد؛ فوجب أن يكون عذرًا في حق المناظر؛ على ما بيناه.
وثانيهما: أن سائر الأصول كانت معدومة؛ فوجب بقاؤها، على العدم؛ تمسكًا بالاستصحاب؛ فهذا تمام تقرير هذه الدلالة.
واعلم أن كل مقدمةٍ لا يمكن تمشية الدليل إلا بها، فلو كانت تلك المقدمة مستقلة بالإنتاج، كان التمسك بها في أول الأمر أولى.
ورأينا أن هذه الدلالة لا يمكن تمشيتها إلا بإحدى مقدمتين:
إحداهما: أن عدم الوجدان بعد الطلب يدل على عدم الوجود.