للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أن الأمر الفلاني كان معدومًا؛ فيحصل الان ظن بقائه على العدم.

وهاتان المقدمتان، لو صحتا، لكانتا مستقلتين بإنتاج المطلوب؛ فإنه يقال في أول المسألة: (الحكم الشرعي لابد له من دليلٍ، ولم يوجد الدليل؛ لأني اجتهدت في الطلب، وما وجدته؛ وذلك يدل على عدم الوجود) أو يقال: (ولم يوجد الدليل؛ لأن هذه الدلائل كانت معدومة في الأزل، والأصل في كل معدومٍ بقاؤه على عدمه).

وإذا ثبت هذا، فقد حصل ظن عدم الدليل؛ فيتولد منه القطع بأنه لو وجد الحكم، لوجد الدليل، مع ظن أنه لم يوجد ظن عدم الحكم؛ والعمل بالظن واجب.

فتقرير هذه الدلالة على هذا الوجه أقل مقدماتٍ، وأشد تلخيصا؛ فكان إيرادها على هذا الوجه أولى.

فإن قيل: قوله: (الدليل: إما نص، أو إجماع، أو قياس:

قلنا: هذا لا يتم على قولك؛ لأنك ذكرت هذه العبارة دليلاً في هذه المسألة الشرعية؛ وإنها ليست بنص، ولا إجماعٍ، ولا قياسٍ؛ وعند هذا: يلزم أحد محذورين؛ وهو: أنه إما ألا يكون هذا الكلام دليلاً في المسألة؛ حتى يتم الحصر، أو يبطل الحصر؛ حتى يتم هذا دليلاً في المسألة:

فإن قلت: الكلام عليه من وجهين:

أحدهما: أني أقول: (دليل الحكم الشرعي: إما نص، أو إجماع، أو قياس، ومدلول دليلي انتفاء الصحة؛ فإن هذا الانتفاء كان حاصلاً قبل الشرع،

<<  <  ج: ص:  >  >>