للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: وتحريم أخذ المبيع من البائع بعد جريان هذا البيع على المشتري، أو تحريم أخذ الثمن من المشتري على البائع - حكم شرعي؛ فلا يثبت إلا بنص، أو إجماعٍ، أو قياسٍ، ولم يوجد ذلك؛ فوجب ألا يثبت):

والجواب: هذه الدلالة لا تتم إلا مع التمسك بأن الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، وأنه إنما يجوز العدول عن هذا الأصل، إذا وجد دليل يوجب العدول عنه، وذلك الدليل لا يكون إلا نصا، أو إجماعًا، أو قياسًا.

وعلى هذا: يسقط السؤال؛ وذلك لأنا نقول مثلاً في مسألة بيع الغائب: ٠لا شك أن قبل جريان هذا البيع، كان المبيع ملكًا للبائع، والأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، إلا أنا نترك التمسك بهذا الأصل عند وجود نص، أو إجماع، أو قياس يدل على خلافه، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة؛ فلم يوجد ما يوجب العدول عن التمسك بذلك الأصل، وإذا كان كذلك، وجب الحكم ببقائه على ما كان.

وحاصل الكلام: أني إنما ادعيت الحصر فيما يدل على تغيير الحكم عن مقتضى الأصل، والحكم الذي أنتجته من هذا الدليل ليس من باب تغير الحكم، بل هو من باب إبقاء ما كان على ما كان؛ فلم يكن إدعاء الحصر في تلك الصورة قادحًا في صحة هذه الدلالة.

وإذا عرفت هذا، فالعبارة الصحيحة عن هذا الدليل: أن يقال: حكم الشرع إبقاء ما كان على ما كان، إلا إذا وجدت دلالة شرعية مغيرة، والدلالة المغيرة: إما نص، أو إجماع، أو قياس، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة، فلم توجد الدلالة المغيرة؛ فوجب بقاؤه على ما كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>