للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هذا لا نزاع فيه، لكنا ندعي أن قولنا: (ضارب) يفيد الزمان المعين، وهو الحاضر بدليل ما ذكرنا: أن إحدى اللفظتين مستعملة في رفع الأخرى.

أما أولا: فلأنا نعلم بالضرورة من أهل اللغة أنهم متى حاولوا تكذيب المتلفظ بإحدى اللفظتين، لا يذكرون إلا اللفظة الأخرى، ويكتفون بذكر كل واحدة منهما عند محاولة تكذيب الأخرى، ولولا اقتضاء كل واحدة منهما للزمان المعين، وإلا لما حصل التكاذب.

وأما ثانيا: فلأن كلمة (ليس) موضوعة للسلب، فإذا قلنا: ليس بضارب، فلابد وأن يفيد سلب ما فهم من قولنا: ضارب، وإلا لم تكن لفظة (ليس) مستعملة للسلب.

وإذا ثبت أن كل واحدة من هاتين اللفظتين موضوعة لرفع مقتضى الأخرى، وجب تناولهما لذلك الزمان المعين، وإلا لم يحصل التكاذب.

ثم لا نزاع في أن ذلك الزمان ليس هو الماضي ولا المستقبل؛ فتعين أن يكون الحاضر.

قوله في المعارضة الأولى: ثبوت الضرب له أعم من ثبوته له في الحاضر أو الماضي بدليل صحة التقسيم إليهما.

قلنا: كما يمكن تقسيمه إلى الماضي والحاضر، يمكن تقسيمه إلى المستقبل، فإنه يمكن أن يقال: ثبوت الضرب له أعم من ثبوته له في الحال أو في المستقبل، فإن كان ما ذكرته يقتضي كون الضارب حقيقة لمن حصل له الضرب في الماضي، فلكين حقيقة لمن سيوجد الضرب منه المستقبل، وإن لم يوجد ألبتة لا في الحاضر ولا في الماضي، فإنه باطل بالاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>