للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله تعالى يخلق كلامه في جسم، قال أصحابنا لهم: لو كان كذلك، لوجب أن يشتق لذلك المحل اسم المتكلم من ذلك الكلام، وعند المعتزلة: أن ذلك غير واجب.

وثانيهما: أنه إذا لم يشتق لمحله منه اسم، فهل يجوز أن يشتق لغير ذلك المحل منه اسم؟ فعند أصحابنا: لا، وعند المعتزلة: نعم.

لأن الله تعالى يسمى متكلما بذلك الكلام واستدلت المعتزلة لقولهم في الموضعين: بأن القتل والضرب والجرح قائم بالمقتول والمضروب والمجروح، ثم إن المقتول لا يسمى قاتلا، فإذن محل المشتق منه لم يحصل له اسم الفاعل، وحصل ذلك الاسم لغير محله.

وأجيبوا عنه: بأن الجرح ليس عبارة عن الأمر الحاصل في المجروح، بل عن تأثير قدرة القادر فيه، وذلك التأثير حكم حاصل للفاعل، وكذا القول في القتل.

وأجابت المعتزلة عنه: بأنه لا معنى لتأثير القدرة في المقدور إلا وقوع المقدور؛ إذ لو كان التأثير أمرا زائدا، لكان: إما أن يكون قديما، وهو محال؛ لأن تأثير الشيء في الشيء نسبة بينهما؛ فلا يعقل ثبوته عند عدم واحد منهما، أو محدثا؛ فيفتقر إلى تأثير آخر؛ فيلزم التسلسل.

والذي يحسم مادة الإشكال أن الله تعالى خالق العالم، واسم الخالق مشتق من الخلق، والخلق نفس المخلوق، والمخلوق غير قائم بذات الله تعالى.

والدليل على أن الخلق عين المخلوق أنه لو كان غيره، لكان إن كان قديما، لزم قدم العالم، وإن كان محدثا، لزم التسلسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>