التفاهم بين أرباب اللسان حالة التخاطب في أغلب الأحوال، من غير استكشاف، وقد علمنا حصول ذلك، فكان الغالب حصول احتمال الانفراد.
وثانيهما: لو لم يكن الاشتراك مرجوحا، لما بقيت الأدلة السمعية مفيدة ظنا؛ فضلا عن اليقين؛ لاحتمال أن يقال: إن تلك الألفاظ مشتركة بين ما ظهر لنا منها وبين غيره؛ وعلى هذا التقدير يحتمل أن يكون المراد غير ما ظهر لنا؛ وحينئذ لا يبقى التمسك بالقرآن والأخبار مفيدا للظن؛ فضلا عن العلم.
وثالثها: أن الاستقراء دل على أن الكلمات في الأكثر مفردة لا مشتركة، والكثرة تفيد ظن الرجحان، فإن قلت: لا نسلم أن الكلمات في الأكثر مفردة؛ لأن الكلمة إما حرف، أو فعل، أو اسم.
أما الحرف، فكتب النحو شاهدة بأنه مشترك.
وأما الفعل، فهو إما الماضي، أو المستقبل، أو الأمر.
أما الماضي والمستقبل، فهما مشتركان؛ لأنهما تارة يستعملان في الخبر، وأخرى في الدعاء، ولأن صيغة المضارع مشتركة بين الحال، والاستقبال، وأما صيغة (أفعل) فالقول بأنها مشتركة بين الوجوب والندب مشهور.
وأما الأسماء ففيها اشتراك كثير، فإذا ضممنا إليها الأفعال والحروف، كانت الغلبة للاشتراك!!
قلت: الأصل في الألفاظ الأسماء، والاشتراك نادر فيها، بدليل أنه لو كان الاشتراك أغلب، لما حصل فهم غرض المتكلم في الأكثر، ولما لم يكن كذلك، علمنا أن الغالب عدم الاشتراك.