الأخص، فحينئذ نقول: التفسير الأخص باطل قطعا؛ لأنه لو صح فإذا أوجب الشرع الصلاة أو الإسلام، فيكون معناه أنها واجبة، وغيرها غير واجب، فإذا أوجب بعد ذلك الصوم، أو غيره يكون ذلك ناسخا، أو معارضا لما تقدم من الدليل الدال على وجوب الصلاة، ويكون كل نص يأتي بالثبوت يناقض ما تقدمه؛ لأنه تقدم نفيه، وهو باطل إجماعا.
وإذا قال القائل: زيد موجود، يقتضي أن غيره غير موجود، أو أنا مسافر معناه: وليس في العالم مسافر غيري أو أنا عطشان معناه: وليس في العالم عطشان غيري، وهو باطل بالضرورة، وأن العرب لا تقصد مثل هذا، فضلا عن أن يكون ذلك تفسيرا استعمالها لألفاظها، وإذا ظهر بطلان التفسير الأخص تعين أن يكون مفسرا بالمعنى الأعم، وهو أن الخبر مطلوب، وغيره مسكوت عنه، ولا تناقض بين كونه مطلوبا من جهة طلب المجموع، وكونه مسكوتا عنه من جهة استعمال اللفظ في الفرد الآخر فإن السكوت عن الطلب ليس تصريحا بعدم الطلب، ففرق بين عدم الدلالة، وبين الدلالة على العدم.
والتناقض إنما يأتي من الثاني دون الأول.
الثالث: سلمنا تفسير الاستعمال بالمعنى الأخص، ومع ذلك فلا يحصل مقصود الإمام، وذلك أن موارد الاستعمال أربعة كما تقدم فيحصل مقصوده في الأمر، وخبر الثبوت، دون خبر النفي والنهي؛ لأن الأمر بالمجموع أمر بأجزائه، والخبر عن ثبوت المجموع خبر عن ثبوت أجزائه، فيلزم حصول حكم المجموع في أجزائه طلبا أو خبرا، والنهي عن المجموع ليس نهيا عن أجزائه، فإذا حرم الله تعالى الظهر خمس ركعات لا يلزم أن يحرم جميع ركعات الخمس، بل يكفي في النهي عن المجموع ترك جزء منه، أي جزء كان، ويخرج عن عهدة النهي، ولذلك حرم الله تعالى