التأويل، بل لا يجوز حينئذ؛ لأن التأويل بغير عاضد من الأدلة الصحيحة غير جائز، بل هذا التأويل قصد به دفع سؤال عنه، فلم يندفع، وحق على نفسه به سؤال لا يندفع، وهو أن مراده حينئذ بتلك الآيات ليس الجمع بين الحقيقة والمجاز، بل الحقيقتين، وقد علمت أنه ليس كذلك، فسد باب التأويل له في تلك الآيات بهذا التأويل المذكور هاهنا.
قوله:(بعض المانعين جوز ذلك في لفظ الجمع).
قلت: وجه شبهته أن الجمع يتخيل فيه تكرر اللفظ، واللفظ إذا تكرر جازت المسالة إجماعا، فيجوز أن يريد بلفظه الأول غير ما يريد بلفظه الثاني كما تقدم.
بيانه: لكن هذا التخيل باطل؛ فإن صيغة الجمع صيغة مفردة، وضعت للدلالة على الجمع، كما يدل المفرد على المفرد.
فإذا قلنا: أقراء، فليس فيها ثلاث قافات، وثلاث راءات حتى يتخيل فيها ثلاث لفظات، بل قاف وراء واحدة، فهذه الشبهة ساقطة.
قوله: الحق أنه لا يجوز؛ لأن معنى قوله: اعتدى بالأقراء: اعتدى بقرء وقرء.
قلنا: هذه العبارة تقتضي أن الجمع معناه النطق بصيغة المفرد مرتين، وهذا يناسب الجواز لا المن، بل ينبغي أن يكون معنى اعتدى بالأقراء: اعتدى بثلاثة من مسمى هذا اللفظ، وهذا اللفظ له مسميان، فيتوقف الامتثال على بيان المراد بالقرينة، كما في المفرد.
قوله:(الجمع لا يفيد إلا عين فائدة الإفراد).
يريد في تعيين المسمى لا في التعدد والاتحاد، وإلا فالجمع فيه كثرة بالضرورة، وظاهر لفظه يقتضي أن المفهوم من الجمع هو المفهوم من المفرد،