يجمع بينهما في محل واحد. إذا تقرر هذا قال أرباب علم البيان: إن أصل الدعاء صيغة الأمر، فتقول: اللهم اغفر لنا، هذه هو الحقيقة، ثم يستعار لفظ المستقبل للدعاء مجازا، إلا أنه خبر، والخبر متعلقة واقع متقرر، يستعار للدعاء على سبيل التفاؤل بالوقوع، فهذا في الرتبة الثانية، والرتبة الثالثة أن يقال: غفر الله لنا، فيكون أبلغ من المضارع؛ لأن الماضي دخل مسماه في الوجود بخلاف المضارع، وهو وإن كان خبرا مجزوما بوقوع متعلقة، غير أنه لم يدخل الوجود، فتكون استعارة الماضي أبلغ من استعارة المضارع في معنى التفاؤل، وفي الأحوال كلها لم يخبر عن وقوع المغفرة، بل مقصودنا الطلب لما لا نعلم وقوعه، فكذلك ويل له، أصله الخبر، ويستعار للدعاء تفاؤلا، ووقت الاستعارة لا يكون خبرا، بل دعاء، ووقت عدم الاستعارة يكون خبرا، ولا يكون دعاء، فما اجتمع في الاستعمال.
قال القاضي تاج الدين رحمه الله: الدعاء والخبر لا يكونان إلا في المركبات، والنزاع إنما وقع في الاشتراك في المفردات، فكيف يحسن الاستدلال بالمركبات، وهذا السؤال يتم إذا قلنا: إن العرب ما وضعت المركبات على رأي المصنف؛ لأنه جعل المجاز المركب عقليا، فيرد عليه السؤال التزاما.
أما إذا قلنا: وضعتها على ما هو الحق، ويأتي بيانه في أن المجاز المركب عقلي، فلا يرد السؤال؛ لأنها إذا كانت موضوعة دخل فيها الاشتراك.
قوله: في الجواب للألفاظ كما وضعت للآحاد وضعت للمجموع، يريد أن النكتة التي ذكرها قطعية عقلية، وإذا تعارض العقل والنقل يتعين تأويل النقل للعقل على القاعدة، فيتأول أن هذه الألفاظ وضعت للمجموع والأفراد، فيمكن الجمع بين النكتة وبينهما، إنما منع من استعمال اللفظ في جميع المسميات، وعلى هذا التقدير لم يستعمل إلا في أحد المسميات، فلا تعارض غير أنك قد علمت أن النكتة غير تعيينية ولا ظنية، فلا ضرورة لهذا