قوله:(إذا كانت المرأة من أهل الاجتهاد أراد الله تعالى منها الاعتداد بكل واحد منهما بدلا عن الآخر).
قلنا: ليس هذا من صورة النزاع، إنما صورة النزاع في استعمال اللفظ المشترك على سبيل الجمع، وهاهنا إنما أراد أحدهما لا بعينه على ما يؤدي إليه اجتهادها فلا جمع، ولو صح هذا الدليل لكان المجوز أقوى منه، وهو أن الله تعالى أراد من كل مجتهد أن يعتقد أن مراده إما الحيض، وإما الطهر، وقد وقع القولان في علماء الأمة، فيكون الله تعالى قد استعمل لفظ الأقراء في المجموع بالإجماع؛ لأن كل طائفة قالت بأن الله تعالى أراد أحدهما.
قالت الحنفية: الحيض.
وقالت غيرها: الطهر، وكلاهما حكم الله صحيح مقرر في الشريعة، فيكون الله تعالى أرادهما على هذا التقدير.
قوله: قال سيبويه: القائل لغيره: الويل لك دعاء وخبر، جعله مقيدا للأمرين.
قلنا: قوله: دعاء وخبر لم يقل: موضوع لهما، بل معناه يستعمل في الخبر تارة، وفي الدعاء أخرى، وكذلك:(سلام عليكم)(الرعد: ٢٤) دعاء وخبر على هذا المعنى، بل الخبر ضد الدعاء، فلا يجتمع معه.
بيانه: أن الخبر لا يكون إلا عما يعتقد حصوله، والدعاء لا يكون بمعلوم الحصول، فلا يجوز أن يقال: اللهم اجعل الأرض تحتا والسماء فوقا، ولا اللهم لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، لقوله عليه السلام (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
وكذلك كل ما هو من هذا الباب، فحينئذ هما ضدان، والضدان لا