قوله:(أراد بالسجود هاهنا الخشوع؛ لأنه المتصور من الذوات).
قلنا: هذا يفهم في عرف الاستعمال أن المراد الخوف والخشية؛ لأنه المفهوم من خشوع قلوب العباد في الصلاة وغيرها، وذلك متعذر من الجبال والشجر، والكل مراد بمعنى واحد، بل المراد هاهنا بالخشوع الانقياد لقدرة الله تعالى بالتأثير فيها جحدت ذلك أو آمنت به، جهلت أو علمت، فالدهر تتصرف فيه قدرة الله تعالى قهرا، وإن كان غير مأمور بذلك، ولا عالم به، وكذلك الشجر والجبال تتصرف فيها قدرة الله تعالى قهرا وإن لم يكن لها شعور بذلك، فهذا هو الخشوع، وهو مسماه اللغوي.
كما قال الشاعر (الطويل):
ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
يصف جيشا عظيما مر على الآكام، وهي المواضع المرتفعة من الأرض، وشأن ذلك في العادة أنها تتهدد، وتذهب وتنقاد للحوافر بالسجود والسحق والهد والمحق.
قوله:(أراد بالسجود المعنيين).
قلنا: لا تسلم، بل يأتي سؤال الإضمار، ويكون التقدير: ويسجد له كثير من الناس، فصدق لدلالة الأول عليه كما حذف الخبر في الآية الأولى لدلالة الآخر عليه عكس هذه، ولا يأتي سؤال الغزالي في أنه مستعمل في معنى عام، وهو الدلالة على تعظيم الله تعالى لأن الدلالة لا تختص ببعض الناس، بل الجميع البار والفاجر، يدل وجوده على وجود الله تعالى وصفاته العلا، فالتنصيص يقتضي تغاير المعنى، غير أنه مجاز في وضع الجبهة على الأرض ويأتي السؤال السابق.