ومع ذلك فقد حكى الله تعالى عنهم قولهم:(ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم)(غافر: ٧ ٨)، فهذه أدعية متنوعة ليس الاقتصار على الاستغفار واقعا.
قوله:(أراد بهذه اللفظة المعنيين) ممنوع، بل الخبر الأول مضمر، تقديره أن الله تعالى يصلى، والملائكة يصلون، فالمضمر يستعمل في معنى، والمنطوق به في معنى آخر.
سلمنا أنه مستعمل في المعنيين، لكن أحدهما حقيقة، والآخر مجاز؛ لأن لفظ الصلاة لم يوضع للإحسان، بل هو سببه فهو من باب إطلاق السبب على المسبب، والدعوى استعمال المشترك في معانيه.
فإن قلت: إنما حسن الاستدلال بمثل هذا؛ لأن محل النزاع في الحقيقتين يعتقد أن اللفظ كما وضع للمفردين وضع للمجموع، فجعله من باب المشترك لا بما ذكرته، فلا نجيب عنه بأنه أراد ما صرح بخلافه.
سلمنا أنه حقيقة في الرحمة، كما قال الغزالي في (المستصفى) فلم لا يجوز أن يكون استعمل في معنى مشترك بينهما؟ وهو تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معنى واحد مجاز مفرد متفق عليه، وحمل كتاب الله تعالى على المتفق عليه أولى من حمله على المختلف فيه من استعمال المشترك في مفهوميه.