معانيه، كل واحد منها باق على خصوصه، حتى لو قصد إلى معنى عام بين أفراده كان مجازا جائزا إجماعا، وقد تقدمت الإشارة إليه في كلام سيف الدين.
قوله:(الصلاة من الله رحمة).
هذه العبارة لا يكاد يوجد للفضلاء والعلماء غيرها، وهي مشكلة؛ فإن الدعاء إذا كان محالا على الله تعالى يتعين صرفه لمجازه الجائز على الله تعالى وتفسيره به، والرحمة حقيقتها رقة الطبع، فهي أيضا مستحيلة على الله تعالى فتفسير المستحيل بالمستحيل غير لائق، ويصير كما إذا قيل لنا: ما معنى قوله تعالى: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في سنة أيام ثم استوى على العرش)(الأعراف: ٥٤).
فنقول: معناه: جلس، وإذا كان لابد من ذكر مستحيل يحتاج إلى تأويل، فيخلى اللفظ محتاجة للتأويل الأول على حاله، ولا حاجة إلى التطويل، فكذلك هاهنا الرحمة محتاجة للتأويل كالدعاء، فيقتصر على لفظ الدعاء والصلاة، ولا حاجة إلى تفسيرها، بل كان ينبغي أن يذكر المجاز على الله تعالى فيقال: الدعاء من الله تعالى معناه الإحسان، وهو جائز على الله تعالى.
قوله:(ومن الملائكة استغفار) يوهم أن هذا متعين في حقهم، بل لو قال: الدعاء من الملائكة باق على حقيقته كان أصوب، وإنما بعثه على ذلك أن الدعاء المحكى عن الملائكة في الكتاب العزيز هو الاستغفار في قوله تعالى:(تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم)(الشورى: ٥).