للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني في معنى ثانٍ لصدق اللفظ الأول، وأمكن أن يقال: بل يتعين لئلا يلزم التأكيد والتكرار، وهو خلاف الأصل، وكذلك العطف يضر أيضا نوعا من النظر؛ ولأن الشيء لا يعطف على نفسه، فيتأكد التغاير والجمع، بخلاف صورة عدم العطف، وكذلك إذا جاء التعريف بعد التنكير، نحو: اعتدّى بقرء، اعتدى بالقرء، هل تحمل اللام على العهد أو على العموم؟ موضع نظر.

وكذلك إن اجتمع العطف واللام أمكن القول بحصول التعارض، كما في العطف من موجب التغاير، فيتعدد، وما في اللام من العهد، فلا يتعدد، وهذه كلها بحوث يمكن تحريكها، وأما النقل عن العلماء، فما من متبع، ولا مدخل للنظر فيه.

الثامنة: قد تقدم أن محل الخلاف في هذه المسألة ثلاثة: الجمع بين مجازين أو حقيقتين أو مجاز وحقيقة.

نقل إمام الحرمين في (البرهان) أن القاضي اشتد إنكاره للجمع بين مجاز وحقيقة؛ لأن كونه حقيقة يقتضى اعتبار كونه في موضوعه، وكونه مستعملا في مجازه يقتضي عدم اعتبار كونه في موضوعه، فيكون كونه في موضوعه معتبرا وغير معتبر، وهو جمع بين النقيضين.

قال: وجوزه الشافعي؛ لأن النقيضين باعتبار إضافتين إلى معنيين ليس محالا، والمجاز مطلقا متفق عليه بين الكل فهو أرجح من التضمين، والفرق بينهما أنك في المجاز مطلقا تارك للحقيقة بالكلية، كما تقدم من كلام الغزالي في التعبير بلفظ الصلاة عن معنى التعظيم تاركا للدعاء بالكلية، والتضمين أن يريد الدعاء مع غيره، وعده أرباب علم البيان من فصيح إيجاز العرب واختصارها، فقالوا: إذا أرادت العرب أن تخبر عن معنيين بجملتين حذفت إحدى الجملتين، وجعلت معناها في الجملة الباقية بطريق الإرادة، وبقيت قرينة لفظية من المحذوفة تدل عليها، أو قرينة حالية، أو خارجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>