للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال اللفظية قوله تعالى: {عينا يشرب بها المقربون}] المطففين: ٢٨ [، ويشرب لا يتعدى للمشروب بالباء، فكان الأصل: يشرب بها المقربون، ويروون بها، فحذفت الجملة الثانية، وبقي منها الباء، فأضيفت الجملة الباقية فقيل: "يشرب بها"، فالباء من الجملة المحذوفة وهي تدل عليها وأريد بـ (يشرب) المعنيان اختصارا وإيجازا.

وكذلك قوله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله}] الحديد: ٧ [أصل "آمن" "أمن" بالقصر إذا صار ذا أمن في نفسه قاصر غير متعدٍ تعدي بالألف فقيل: (أأمن) إذا (أأمن) غيره، أي صير غيره ذا أمن، ومنه قوله تعالى: {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}] قريش: ٤ [بغير حرف جر، فالمؤمن بكلام الشخص آمنه التكذيب فيه فأصل الآية: {آمنوا بالله ورسوله}] الحديد: ٧ [بغير حرف جر، والإيمان في القلب، فقصد معنى آخر، وهو الإقرار باللسان بما في القلب، والإقرار يتعدى الباء، تقول: أقررت بكذا، فصار المقصود حينئذ أن ينطق به (آمنوا الله ورسله) وأقروا بذلك، فحذفت الجملة الثانية، وخلى منها الباء دليلا عليها، فقيل: (آمنوا بالله)، فكذلك قال جمهور العلماء: إن الإيمان بالقلب لا يكون به الإنسان مسلما يستحق دخول الجنان والسلامة من النيران حتى يقول بلسانه، وإن سكت مع الإمكان خلد في النيران.

وهذه المسألة مستوفاة الأقسام والأحكام في (الشفاء) عند القاضي عياض، وليس هذا موضعها.

وهذا النوع كثير في القرآن، ومنه قول الفرزدق] الرجز [:

كيف تراني قالبا مجني .... قد قتل الله زيادا عني

<<  <  ج: ص:  >  >>