قال: الوجهان الآخران إنما يتم الاستدلال بهما إذا كان الواضع واحدا حكيما يحدد تلك المفاسد، أما إذا جوزنا لكل واحد من القبائل أن يضع، فجاز أن تضع قبيلة لفظا لمعنى، وتضعه أخرى لغيره، فيحصل الاشتراك، ولا تمنعهم هذه المفاسد لعدم شعورهم بها.
جوابه: أن الاستقراء دل على أن الوضع قليل التعدد، وإلا لكثر الاشتراك بغير ما ذكره، والاشتراك ليس كثيرا كملا بالاستقراء، وإذا كان الغالب اتحاد الواضع اتجه الوجهان الأخيران أيضا، بناء على الغالب.
فإن قلت: هذا الجواب يبطل بما تقدم من كلامه أن السبب الأكثري للاشتراك وهو ضع القبيلتين، وإلا على وضع الواضع الواحد.
قلت: لا يضر ما تقدم؛ لأن معناه إذا وقع الاشتراك كان أكثره عن وضع القبيلتين، والكلام في هذه المسألة في تقليل الاشتراك جملة.
فنقول: اتفاقه أيضا من القبيلتين مرجوح، وإلا لكان أكثر الألفاظ مشتركا، وليس كذلك، فلا تناقض بين الوضعين.
قال سراج الدين: ظن وضع اللفظ للمعنى يوجب حمله عليه، وإن أمكن وضعه لغيره احتمالا سواء.
جوابه: لا نسلم أن ظن الوضع يوجب الحمل، بل لو قطعنا بالوضع، وجوزنا أنه موضوع لغيره احتمالا على السواء امتنع منا الحمل قطعا، لجواز أن يكون المتكلم أراد ذلك المسمى الآخر الذي ما علمناه.
(سؤال)
قال التبريزى: قوله: (لو كان الغالب الاشتراك لما أفاد كلام الشرع الظن) ممنوع لجواز أن يكون الغالب الاشتراك على اللغة، ولكن البليغ في الفصاحة