والبلاغة يحترز عنه، فلا يقع في الكتاب والسنة، أو يقع نادرا، أو محفوظا بالقرائن.
جوابه: متى كان الاشتراك هو الغالب، فمتى وردت لفظة مجردة عن القرائن الحالية والمقالية تكون دائرة بين النادر والغالب، فيحمل على الغالب عملا بالقاعدة، ولا يحصل الهم جزما.
فإن قلت: المجاز غالب على اللغة على ما سيأتي بيانه، ومع ذلك لا يحمل اللفظ على الغالب الذي هو المجاز، فلم لا يكون الاشتراك غالبا، ولا يعتقد في اللفظة أنها مشتركة كالمجاز؟
قلت: لغة العرب تقتضي أن المجاز لا يوقعونه مجازا إلا محفوظا بالقرينة، فإذا وجدنا اللفظة بغير قرينة اعتقدنا أنها ليست مجازا، ولم يلتزم العرب أنها لا تضع لفظة مشتركة إلا ومعها قرينة، فالاشتراك ينشأ عن الوضع، وهو لا قرائن معه، والمجاز ينشأ عن الاستعمال، وعادتهم لا يتركون القرائن في استعمالهم المجاز، فافترقا.
فإن قلت: وعادتهم أيضا لا يتركون القولين في استعمال المشترك، إلا أن يريدوا التلبيس على السامع، وكذلك في المجاز إذا أرادوا التلبيس لم يأتوا بالقرينة، فاستويا.
قلت: الاشتراك ثابت قبل الاستعمال؛ لأنه ينشأ عن الوضع، فإذا وقع اللفظ مجردا مع اعتقادنا أن الغالب هو الاشتراك وجب صرفه للاشتراك، وأما المجاز المجرد عن القرينة، فليس هو غالبا إجماعا، فليس هذا النوع من المجاز نوعا غالبا يصرف إليه فافترقا.