وأما إذا أوجبنا تغيير الإعراب، كانا مجازين؛ وذلك إنما يتحقق عند نقل اللغة اللفظة من إعراب إلى إعراب آخر.
وثانيها أيضا: ما ذكره أبو عبد الله البصري ثانيا، فقال:) الحقيقة ما أفيد به غير ما وضعت له، والمجاز: ما أفيد به غير ما وضع له) وهذا أيضا باطل:
أما قوله في الحقيقة:(إنها ما أفيد بها ما وضع له (فباطل؛ لأنه يدخل في الحقيقة ما ليس منها؛ لأن لفظة الدابة، إذا استعملت في الدودة والنملة، فقد أفيد بها ما وضعت له في أصل اللغة مع أنه بالنسبة إلى الوضع العرفي مجاز، فقد دخل المجاز العرفي فيما جعله حدا لمطلق الحقيقة؛ وهو باطل.
وقوله في المجاز: (إنه الذي أفيد به غير ما وضع له) فهو باطل بالحقيقة العرفية والشرعية؛ فإن اللفظة أفيد بها، والحالة هذه، غير ما وضعت له في أصل اللغة، فقد دخلت هذه الحقيقة في المجاز.
وأيضا فقوله:) ما أفيد به غير ما وضع له) إما أن يكون المراد منه انه أفيد به غير ما وضع له بدون القرينة، أو مع القرينة.
والأول باطل؛ لأن المجاز لا يفيد البتة بدون القرينة، والثاني ينتقض بما إذا استعمل لفظ السماء في الأرض، فإن اللفظ قد أفيد به غير ما وضع له؛ مع أنه ليس بمجاز فيه، وأيضا ينتقض بالإعلام المنقولة.