الخمر إنها مسكرة لم يطلق هذا الاسم على القبول، بل على المحل الذي ثبت له القبول، ولا بد من ملاحظة قاعدة في هذا المثال، وهى: أن الأوصاف إنما تصدق حقيقة في الحال دون الاستقبال، كما تقدم في إطلاق المشتق على المحل، فعلى هذا مسكر لا يصدق إلا على الخمر الذي شرب وسيطر على الدماغ حتى حصل منه تغطية العقل، ولا يصدق على الماء أنه يروى حتى يشرب ويزيل العطش، وأما قبل ذلك فمجاز، وكان حق العبارة أن يقول: تسمية الشيء بما هو قابل له.
قوله:(إطلاق المشتق بعد زوال المشتق منه).
هذا على غير مذهب ابن سينا كما تقام أول الكتاب.
قوله:(مجاز المجاورة: نقل اسم الراوية من الحمل إلى ما يحمل عليه من ظرف الماء، وتسمية الشراب بالكأس).
أما الراوية: فقد تقدم أنها مبالغة في اسم الفاعل، فمن كثرت روايته للحديث سمى راوية، ومن كثرت معرفته للأنساب سمى نسابة، وعلى هذه الطريقة، وهذا المعنى يقتضى أن يكون الذي يستحق هذا اللفظ بأصل الوضع هو الماء؛ لأنه هو الذي يكثر إرواؤه، وهو فاعل الري في مجرى العادة، ويكون إطلاقه على الحمل والمزادة مجازا من باب مجاز المجاورة.
وأما الحمل فلا يفعل الري، حتى يستحق اسم الفاعل من الري فتبنى له صيغة المبالغة.
وأما الكأس فالمشهور في النقل أنه: الزجاجة إذا وضع فيها الشراب سميت كأسا، إلا سميت زجاجة، وكذلك الخوان لا يسمى بذلك إلا إذا كان عليه الطعام قاله الثعالبي في:(فقه اللغة)، ونقل غيره أن الكأس من أسماء الخمر نفسه من غير ظرف هي فيه.