إذا تقرر هذا فنقول: جاز قيام الألم ببعض جواهر النفس، فلا يكون المتألم كله.
إن قلنا: العلم الذي هو عمرو، وضع للنفس فقط.
وإن قلنا: لها مع الشكل، القدر المشترك بين أطوار الشكل على ما يأتي تقريره، فالمنع أظهر؛ فإن الألم قائم بالنفس دون الشكل، وينعطف هذا البحث أيضا على بحث آخر، وهو أن الحواس مع النفس كحجبة مع ملك يحصل لكل واحد منهم علم وإدراك لشيء، فإذا حصل له نقله للملك فنظر فيه بوافر عقله، أو الحواس كطاقات في بيت ينظر منها الملك من كل طاقة إلى نوع من المدركات ليس قبالة الطاقة الأخرى، فعلى هذا ليس في الحواس إدراك البتة، لا للألم، ولا لغيره، وهما قولان للعقلاء في النفس مع الحواس، فعلى الأولى يكون المتألم النفس فقط، فعلى تقدير أن العلم موضوع للنفس مع غيرها، يبطل قوله: المتألم كله.
قوله:(الضرب إمساس جسم لجسم حيواني بعنف).
الظاهر أن اللغة لا تشترط في المضروب أن يكون حيوانا كقوله تعالى {أن اضرب بعصاك البحر}] الشعراء: ٦٣ [، وفي الآية الأخرى {أن اضرب بعصاك الحجر}] الأعراف: ١٦٠ [.
الظاهر أن هذا حقيقة، والأصل عدم المجاز.
قوله:(زيد هو الموجود من وقت الولادة، وهو الأجزاء الباقية من أول حدوثه إلى آخر فنائه).
قلنا: الإنسان إذا ولد له ولد، فهو لا يرى نفسه، بل يعلم أن له نفسا وأخلاقا من حيث الجملة، فهو يلاحظها مجملة غير مفصلة، ويضع لها من القدر المشترك بين أطوار الشكل أمثالها؛ فلأنه لم يقصد تسميته من حيث إنه