الأول: أن المرجح للفهم قد يكون حال المستعملين لا حال الواضع، فإن الاستعمال في ظاهر الحال، إنما يكون في الحقيقة حتى يأتي صارف عنها، أو غير ذلك من أن الأصل عدم التجوز؛ لاحتياجه لأمور من العلاقة، وغيرها، والحقيقة مستغنية عنها، وهذه أمور توجب الرجحان، فما تعين قصد الواضعين.
الثاني: قوله: (الواضعين) يقتضي أن الواضع جماعة، ومن أين له ذلك؟ فلعله الله تعالى، أو يعرب بن قحطان، أو شخص غيره.
قوله: إذا علقت الكلمة، بما يستحيل تعليقها به علم في أصل اللغة أنه غير موضوع له، فيعلم أنه مجاز، ونحو قوله تعالى:{واسأل القرية}(يوسف: ٨٢).
وثانيهما: أنه لما بحث فيما تقدم في هذا المجاز، جعل الأصل في القرية المنصوبة أنها هي المفعول، وتقدير المضاف يوجب المجاز فيها، فجعل المضاف ئمت سبب التجوز، وهاهنا يشير إلى أنه محل التجوز، وأنه ليس الأصل أن يكون المنصوب هو المفعول، بل ينظر إلى ذلك الكلام هل وضع ليعلق ويركب مع هذه الكلمة أم لا؟ فكلامه هاهنا يقتضي أن لفظ السؤال وضع ليركب مع لفظ من يصلح للإجابة، فلما ركب مع القرية، ركب مع غير من وضع له، فكان مجازا، وذلك يقتضي أن الأهل هو المتجوز عنه، وأنه محل التجوز، لا سبب التجوز، وهذا هو الصحيح المختار، وقد تقدم تقرير المذهبين هل المضاف المحذوف، سبب المجاز أو محل المجاز؟
قوله: ورابعها: (أن يضعوا اللفظ لمعنى، ثم يتركوا استعماله في بعض