مجازاته، ثم يستعملونه بعد ذلك في غير ذلك الشيء، فيكون مجازا عرفيا، كالدابة في الحمار).
قلنا: لا يكفي في النقل الترك، فقد يترك مع البعض الآخر، بل ينبغي أن يصرح فيقول: يضعون اللفظ لمعنى عام، ثم يضعونه لكثرة الاستعمال لما هو أخص منه، فالحقيقة العرفية التي هي مجاز لغوي إنما تنشأ عن الاستعمال في الأخص لا عن الترك في غيره، فالترك لا يوجب مجازا، ولا حقيقة، بل الاستعمال هو الذي يقع فيه المجاز والحقيقة، والنقل عن اللغة للعرف.
ثم قوله:(يستعملونه في غير ذلك الشيء) - هذا الشيء لم يجر له ذكر حتى يسميه، لكنه مراد في قوة كلامه، ومراده غلبة الاستعمال في الأخص كما تقدم، أو يكون المجاز أجنبيا كالغائط، كما تقدم تقريره).
قوله:(لا يصح اسأل البساط، كما يصح اسأل القرية).
قلنا: لا نسلم أنه يمتنع، بل كلام سيبويه، وغيره يقتضي الجواز.
قال سيبويه: لا يجوز أن تقول: قامت هند، ومرادك غلامها، يعني لأن قرينة التعذر في القرية هي الدالة على الإضمار، ولا تعذر هاهنا في هند، فلا يجور إضمار بغير دليل، وهذا يقتضي (اسأل السباط) لقرينة التعذر، فينصرف السؤال إلى صاحبه كما انصرف لأهل القرية.
قوله:(الدعوى العامة لا تصح بالمثال الواحد).
يعني: أن الإنسان لو قال: كل حيوان حرام الأكل؛ لأن الخنزير حرام الأكل ما صح، أو كل عدد زوج؛ لأن العشرة زوج لم يصح، فالكليات لا تثبت بثبوت الحكم في بعض أفرادها، لكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الصورة الجزئية قد يكون للاستدلال فلا يصح، وقد يكون للتنبيه للسامع على الحق في