المسألة لا على سبيل الدليل، كما لو قيل لك: أهل هذه المدينة لا يستعملون النظام الفلاني، فيقال: ليس كذلك: ألا ترى أن فلانا يستعمله؟ يريد تنبيهه على الاستقراء لأحوال تلك البلدة.
وكذلك إذا قيل لك: لم قلت: إن الشرع يبيح الغرر للضرورة، والرخصة للمشقة؟ فتقول: كما أباح القراض، والمساقاة مع الغرر والقصر والفطر للمشقة، ونحو ذلك، وليس مرادك إلا التنبيه لا إقامة الدليل، ولو أردت الدليل لامتنع مع أن الناس مجمعون على ذلك.
قوله:(إن أراد بالاطراد في جميع الصور نص الواضع، فالمجاز كذلك).
قلنا: هذا إنما يتم إذا قلنا: المجاز من شرطه الوضع.
أما على القول بالاكتفاء بمجرد الحقيقة، فلا يتجه.
قوله:(الحقيقة قد لا تطرد؛ لأنه يمنع منه العقل، كإطلاق الدليل على الله تعالى؛ لأنه فاعل الدليل، لكنه اشتهر في الدلالة فمنع إطلاقه).
قلنا: لا نسلم أن هذا يمتنع إطلاقه للإبهام، لكن للسمع؛ لأن هذا المنع حكم شرعي، والأحكام الشرعية إنما تثبت من جهة السمع لا بالعقل.
قوله: يمتنع سمعا كتسمية الله- تعالى- بالفاضل، والسخي مع وجود الحقيقة).
قلنا: لا نسلم وجود الحقيقة؛ لأن العرب وضعت الفاضل للمتصف بالعلوم المكتسبة، وعلم الله تعالى ليس مكتسبا، ولذلك إن من لم يشتغل بالعلوم، ويكتبها، لا يسمونه فاضلا، والسخي لمن طبعه الله- تعالى- منقاد للعطاء، والله- تعالى- منزه عن الطباع كلها، وذلك فإن السحاب يعطى