منهم من أنكره؛ وقال إن الاستدلال بالأدلة اللفظية مبني على مقدمات ظنية والمبني على المقدمات الظنية ظني؛ فالاستدلال بالخطاب لا يفيد إلا الظن: وإنما قلنا: إنه مبني على مقدمات ظنية؛ لأنه مبني على نقل اللغات، ونقل النحو والتصريف، وعدم الاشتراك، والمجاز، والنقل، والإضمار، والتحصيص، والتقديم والتأخير، والناسخ، والمعارض، وكل ذلك أمور ظنية.
أما بيان أن نقل اللغات ظني: فلأن المرجع فيه إلى أئمة اللغة، وأجمع العقلاء على أنهم ما كانوا بحيث يقطع بعصمتهم، فنقلهم لا يفيد إلا الظن وتمام الكلام في هذا المقاك قد تقدم.
وأما النحو والتصديف: فالمرجع في إثباتهما إلى أشعار المتقدمين، إلا أن التمسك بتلك الأشعار مبني على مقدمتين ظنيتين:
إحداهما: أن هذه الأشعار رواها الآحاد، ورواية الآحاد لا تفيد الظن.
وأيضا، إن الذين رواها، روايتهم مرسلة لا مسندة، والمرسل غير مقبول عند الأكثرين، إذا كان خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف إذا كان خبرا عن شخص لا يؤبه لخ، ولا يلتفت إليه؟!
وثانيهما: هب أنه صح هذا الشعر عن هذا الشاعر؛ لكن لم قلت: إن هذا الشاعر لا يلحن؟