للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الفتن وأسبابها]

الشهوات: جمع شهوة، ولقد عرفها ابن منظور في لسان العرب فقال: إن الشهوة ليست خاصة بشيء معين أو محدد، ولكنها في كل شيء من معاصي الله عز وجل.

الشهوات أيها الأحباب: من أعظم الفتن على الإنسان؛ لأن الفتنة نوعان كما يقول الإمام ابن القيم: ١/ فتنة الشبهات.

٢/ فتنة الشهوات.

فأما فتنة الشبهات فتأتي من قلة العلم، ومن اتباع الهوى، ولقد حذر الله جل وعلا من اتباع الهوى؛ لأن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله، فقال سبحانه: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص:٢٦].

وأما فتنة الشهوات فسببها كثرة المعاصي، وفسق الأعمال، وسيطرة الدنيا على القلوب، ولذا قال سلفنا الصالح: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا قد أعمته دنياه، وأقول -ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم-: لقد ابتلانا الله جل وعلا في بلادنا، وفي أيامنا هذه، وفي زماننا هذا بهذين الصنفين، ابتلانا الله جل وعلا ابتلاءً شديداً بكثير من الناس الذين قد أعمتهم شهوات الدنيا، وشبهات الباطل، فراحوا يقولون في هذا الدين بغير علم، ويفترون على الله جل وعلا، ويعلنون العداء لهذا الدين، ويظهرون حقدهم الدفين على هذا الدين، ويشنون عليه الحرب الهوجاء باسم الدين، ولكن يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر حقدهم الدفين على هذا الإسلام، وعلى هذا الدين العظيم ونفاقهم المبين في زلات ألسنتهم، وعلى صفحات وجوههم، ليميز الله الخبيث من الطيب، وليعلم الموحدون العدو من الصديق.

أيها الأحبة الكرام: لقد ابتلانا الله جل وعلا في هذه الأيام ابتلاءً شديداً بكثيرٍ من الناس الذين يقولون في ديننا بغير علم، ويقولون في ديننا بالهوى، فقد أعمت أعينهم نارُ الشبهات وظلماتُ الشهوات، فراحوا يفترون على الله الكذب، ويعلنون العداء للإسلام ولرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، ولكن الله جل وعلا وعدنا بأنه هو الذي سيتولى أن يحفظ دينه، وهو الذي قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩].

اعلموا أيها الأحباب: أنه ليس من العيب أن يزل العالم؛ لأنه ليس بمعصوم؛ لأن العصمة للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، ولكن مكمن الخطر، ومصيبة المصائب أن يقول العالم في الدين بغير علم، أو يصر على خطئه وعلى عناده وكبره بعدما يتبين له الحق بالدليل الشرعي استحياءً من الناس، أو خجلاً من الناس، أو خوفاً منهم، والله لا يستحيي من الحق، أقولها بمنتهى الوضوح والصراحة: إننا نحب علماءنا، ونحب شيوخنا، ولكن الحق أحب إلينا من شيوخنا وعلمائنا، إننا نحب شيوخنا وعلماءنا، ولكننا نحب الحق أكثر من حبنا لعلمائنا وشيوخنا.