إن المنهج موجود، هذا المنهج هو الذي جعل ربعي بن عامر يرد على رستم قائد الجيوش الكسروية بعز واستعلاء ويقول له: نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قَبِل منا قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن حال بيننا وبين دعوة الناس لدين الله قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله.
قال: وما موعود الله؟ فـ ربعي الذي عرف الغاية وفهم الوظيفة التي من أجلها ابتعث، بل وحول المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي وإلى منهج حياة قال له: أما الأولى: فالنصر لمن بقي من إخواننا، والشهادة لمن مات من إخواننا.
فقال له رستم: لقد سمعت قولك، فهل لكم أن تؤجلونا؛ لننظر في أمرنا ولتنظروا في أمركم؟ فقال بعز واستعلاء: لقد سن لنا نبينا ألا نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث ليال، فانظر في أمرك وأمرهم واختر لنفسك واحدة من ثلاث.
قال ما هي؟ قال: الأولى: الإسلام، ونقبل منك، ونرجع عنك.
قال: ما الثانية؟ قال: الجزية.
وهذا الجزية أصبحت الأمة تدفعها الآن إلى أمريكا كاملة غير منقوصة.
قال: وما الثالثة؟ قال: القتال، ولن نبدأك بقتال فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا إن بدأتنا أنت.
قال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمين كالجسد الواحد يسعى بذمتهم أدناهم على أعلاهم.
وأنا أجزم أن ما بين أيدينا من مجلدات، ومن أشرطة، ودروس علمية ما كانت موجودة بين السلف بهذا الكم الهائل، لكن ما الذي فعلته هذه الأشرطة وهذه المجلدات؟ فالمنهج موجود، لكنه يحتاج إلى رجال يحولون هذا المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي يتألق في دنيا الناس سمواً وروعة وعظمة وجلالاً، والله لو أن الأمة ذباباً يطن في آذان اليهود لفرقنا آذانهم، والله لو تفلت الأمة على اليهود لأغرقنا اليهود بتفلنا، لكنها الهزيمة النفسية، لكنه البعد عن العقيدة الصحيحة بشمولها وكمالها.