للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النبي صلى الله عليه وسلم يحول الإسلام إلى منهج عملي]

إن الأسوة والقدوة لهذه الأمة هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون من اليسير جداً -أيها الأحباب! - أن نضع منهجاً نظرياً في التربية، لكن هذا المنهج سيظل حبراً على الورق، وسيظل حبيس الأشرطة والمجلدات ما لم يتحول هذا المنهج في حياتنا إلى منهج حياة وإلى واقع عملي.

لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يحول هذا المنهج التربوي الإسلامي إلى منهج حياة، وذلك يوم أن نجح في طبع عشرات الآلاف من النسخ من هذا المنهج، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يطبعها بالحبر على صحائف الأوراق، وإنما طبعها على صحائف قلوب أصحابه بمداد من التقى والهدى والنور، فانطلق هذا الجيل المبارك؛ ليُحَوِّلَ مع هذه القدوة الطيبة والمثل الأعلى؛ هذا المنهج الذي رآه هذا الجيل منهجاً في دنيا الناس يتحرك، فصدقوا أن هذا المنهج ما أنزله الله إلا للتطبيق، إذ لو شاء الله لأنزل بهذا المنهج ملكاً، ولقال الناس ساعتها: هذا ملك من الملائكة، لكن شاء الله وقدر أن يحول الناس هذا المنهج الرباني في دنياهم إلى منهج حياة وإلى واقع عملي.

شاء الله وقدر أن يرسل الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة والمثل الأعلى محمداً صلى الله عليه وسلم؛ ليحول هذا المنهج الرباني في دنيا الناس إلى منهج عملي، لذا قالت عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم: (كان خلقه القرآن)، وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:٢١].

فالأسوة الحسنة والقدوة الطيبة والمصطفى والمجتبى من بين العالمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شرح الله له صدره، ورفع الله له قدره، وأعلى الله له ذكره، وطهره ورفعه وكرّمه على جميع العالمين، وزكّاه جل وعلا في كل شيء.

زكاه في عقله، فقال سبحانه: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:٢].

زكاه في بصره فقال سبحانه: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:١٧].

زكاه في فؤاده فقال سبحانه: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم:١١].

زكاه في صدره فقال سبحانه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:١].

زكاه في ذكره، فقال سبحانه: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:٤].

زكاه في طهره، فقال سبحانه: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} [الشرح:٢].

زكاه في علمه، فقال سبحانه: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:٥].

زكاه في صدقه، فقال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:٣].

زكاه في حلمه، فقال سبحانه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨].

وزكاه كله، فقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤].

أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد