[انتشار الإسلام في الغرب]
إن أصواتاً مرتفعة الآن تصرخ في الغرب وتنادي وتحذر من قدوم الإسلام، يقول المفكر الشهير اسبنجلز: "إن للحضارات دورات فلكية، فهي تغرب هنا لتشرق هناك، وإن حضارة أوشكت على الشروق في أروع صورة، ألا وهي حضارة الإسلام، الذي يملك وحده أقوى قوة روحانية عالمية نقية".
فلا تغتروا بما عند الشرق أو الغرب، فإن الغرب الآن ينهار من الداخل، وتعجبني عبارة سيد قطب رحمه الله وغفر له إذ يقول: "إن أحشاء الغرب تتمخض الآن بمولود جديد يسمى الإسلام" إنها الفطرة، فطرة الله جل وعلا، ما من واحدٍ من هؤلاء عرف الإسلام وحقيقة الإسلام إلا وشرح الله عز وجل صدره له.
لكن يبقى أن نبذل نحن لهؤلاء، وأن نقدم نحن لهم الإسلام الجميل بصورته المشرقة التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الغرب هذه البالونة الضخمة التي تعبد الآن في الأرض من دون الله من قِبل كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام، لا بد أن نعرف حقيقتها أيها الأحبة:
قالوا لنا فالغرب فيه صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا
لكنه خاوٍ من الإيمان لا يرعى ضعيفاً أو يسر حزينا
الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينا
الغرب مقبرة العدالة كلما رفعت يدٌ أبدى لها السكينا
الغرب يكفر بالسلام وإنما بسلامه الموهوم يستهوينا
الغرب يحمل خنجراً ورصاصةً فعلام يحمل قومنا الزيتونا
كفرٌ وإسلامٌ فأنى يلتقي هذا بذلك أيها اللاهونا
أنا لا ألوم الغرب في تخطيطه لكن ألوم المسلم المفتونا
وألوم أمتنا التي رحلت على درب الخضوع ترافق التنينا
وألوم فينا نخوةً لم تنتفض إلا لتضربنا على أيدينا
أيها الأحبة: إن أطباء الغرب وعلماء الغرب يقفون الآن في دهشة وحيرة أمام حالات الانتحار الجماعية، أمام الحالات المتزايدة للمصابين بالحالات النفسية والعصبية؛ لأن هؤلاء قد أعطوا البدن كل ما يشتهيه، وبقيت الروح في أعماق البدن تصرخ وتبحث عن دواءٍ، وتبحث عن غذاء، ولا يعلم دواء وغذاء الروح إلا خالق الروح: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:٨٥].
ونرى في الأفق كوكبة مضيئة، إنه أعظم حدثٍ في النصف الثاني من القرن العشرين، وهذا من الآمال العظيمة، والبشارات الكبيرة أن نرى شباباً في ريعان الصبا، ونرى فتياتٍ في عمر الورود، ما من يومٍ يمر إلا وتلتحق جموع بالصحوة الراشدة، أسأل الله أن تكون كذلك.
نرى الآن في مصر والجزائر وغيرها، نرى بدون مبالغة عشرات الألوف من الإخوة الشباب، والأخوات الملتزمات وسط هذه الفتن، ووسط هذه الضربات، يحرص الجميع على حضور المحاضرات، وعلى حضور خطب الجمعة، لا في المساجد بل في الشوارع، وتحت حرارة الشمس المحرقة، يصلون على الأرض وعلى التراب.
فأينما توجهت يا عبد الله وجدت خشوعاً ورجوعاً جديداً إلى الله، ووجدت شباباً يبكي ويتضرع وقد ولى ظهره لـ واشنطن وبنكوك ولندن وباريس ومدريد، ووجه وجهه من جديد لـ مكة زادها الله تشريفاً وتكريماً، ولى وجهه صوب بيت الله الحرام، وأعطى ظهره لعواصم الكفر على ظهر الأرض، ويصرخ بأعلى صوته، ودموع الخشوع والبكاء والندم تتلألأ على وجهه الأنور الأزهر، وهو يقول: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، نريد كتاب الله، نريد سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إنها الصحوة المباركة، إنه الأمل الذي أقلق العالم كله الآن في النصف الثاني من القرن العشرين.
صبح تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا
وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا
وقوافل الإيمان تتخذ المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا
ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا
هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذعٌ قويٌ في التراب وأعذقا
هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا
فجرٌ تدفق من سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المشرقا
يا نهر صحوتنا رأيتك صافياً وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى
قالوا تطرف جيلنا لما سمى قدراً وأعطى للطهارة موثقا
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على ضرب الكرامة وارتقى
أوكان إرهاباً جهاد نبينا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا
أتطرفٌ إيماننا بالله في عصرٍ تطرف بالهوى وتزندقا
إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به ونمدح عفلقا
إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا
إن التطرف أن نبادل كافراً حباً ونمنحه الولاء محققا
إن التطرف وصمة في وجه من جعل البوسنة رماداً محرقا
شتان بين النهر يعذب ماؤه والبحر بالملح الأجاج تمزقا
يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقا
لك في كتاب الله فجرٌ صادقٌ فاتبع هداه ودعك ممن فرقا
لك في رسولك أسوةٌ فهو الذي بالصدق والخلق الرفيع تخلقا
يا جيل صحوتنا ستبقى شامخاً ولسوف تبقى باتباعك أسمقا
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.