أيها الحبيب الكريم! هذه هي خطورة الكلمة، وهذه هي الكلمة الشريرة، وهذه هي الكلمة الطيبة المنيرة، فتحرك بالكلمة الطيبة من الآن إلى الدعوة إلى الله، وإلى دين الله جل وعلا.
أيها الشباب! إن أهل الباطل الآن قد تحركوا بكل ما يملكون بباطلهم، وما زال أهل الحق متفرقين متناحرين متطاحنين.
فيا شباب الصحوة! ويا أيها الإخوة الأحباب الكرام! انبذوا الفُرقة، وانبذوا العصبية البغيضة للجماعات وللشيوخ وللمناهج، اعرفوا الحق تعرفوا أهله، فإن الحق لا يُعرف بالرجال، ولكن الرجال هم الذين يُعرفون بالحق.
فهيا أيها الأحباب! إليكم هذه النصائح من أخ يحبكم جميعاً في الله، ويشهد الله على ذلك، أقول: هذه هي خطورة الكلمة الآن في هذا الظرف الحرج، إن الحرب الآن حربٌ كلامية؛ مقروءة، ومسموعة، ومرئية، ومرسومة، فواجب على أهل الحق بعدما تحرك أهل الباطل لباطلهم أن يتحركوا جميعاً لدين الله جل وعلا، فماذا تنتظرون أيها الأحباب؟! ومتى سنتحرك جميعاً لدين الله؟! ومتى سنتحرك للدعوة إلى الله؟! إنني أعلم يقيناً أن هناك الكثير من أحبابنا وإخواننا قد يكونون أكثر منا علماً، وأكثر إخلاصاً، وأكثر فضلاً، وأعظم دعوة، ولكنهم ما زالوا متقوقعين داخل مكاتبهم بحجة طلب العلم! يا حبيبي في الله! إن طلب العلم لا ينتهي حتى تلقى الله، وتذكر قول أحمد:(مع المحبرة إلى المقبرة) إن طلب العلم لا ينتهي، بل لا يزال الأمر الإلهي من الله لسيد الدعاة وإمام النبيين قائماً إلى يوم القيامة، وذلك في قوله جل وعلا:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمَاً}[طه:١١٤]، فاطلب العلم واقرأ وتعلم؛ لكن إياك وأن تتقوقع بحجة الطلب وتغفل عن الدعوة إلى الله، وعن التحرك لدين الله جل وعلا، فأنت مأمور بذلك، بل لقد قال علماؤنا: إن الدعوة إلى الله الآن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته؛ لأننا نعيش زماناً نشط فيه أهل الباطل لباطلهم، وتحرك أهل الإرجاف لإرجافهم: والله! لقد التقيت بالشيخ أحمد ديدات في الرياض، فأخبرني خبراً يؤلم كل مسلم ومسلمة، فاستمعوا وانظروا كيف يتحرك أهل الباطل لباطلهم، ولا زال أهل الحق بهذه الفُرقة، بل وبهذا البرود وبهذا التكاسل من منطلق فهمٍ مقلوبٍ مغلوطٍ لآية في كتاب الله، وهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة:١٠٥] فنقول: لا يا أخي! سيضرك ضلالهم، وإنما لا يضرك ضلالهم إن تحركت إليهم ودعوتهم بدعوة الله، وأقمت عليهم حجة الله بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة، فحينئذٍ تكون قد أعذرت إلى الله جل وعلا، أما أن تجلس متقوقعاً لتقول: دع المُلك للمالك! ودع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله! فإننا لن نغير الكون، ولن نبدل الأمر، إلى آخر هذه الكلمات المريرة المؤلمة، بل أنت مأمور الآن أن تتحرك بالدعوة بقدر ما منَّ الله عليك به من سلاح الخلق العذب، والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، وضع نصب عينيك هذين الأمرين الجليلين من الله لسيد الدعاة: الأول: قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:١٥٩].
أيها الأحبة في الله! لقد أبلغني الشيخ ديدات أنه ذهب إلى جنوب إفريقيا فوجد المنصِّرين الموسومين بـ (المبشِّرين) يتحركون هنالك في أدغال الغابات وبين المستنقعات للدعوة لدينهم بأسلوب ذكي، فتأتي الفتاة الجميلة المثقفة لتلتقي بمجموعة من الأطفال الصغار أو الصبيان لتلعب معهم فقط بغير دعوة وبدون توجيه، فإذا ما عضَّ الجوع بطونهم قدمت إليهم الحلوى وهي تقول: هذه حلوى الرب يسوع! وفي اليوم التالي تلتقي مع نفس المجموعة لتلعب معهم فإذا ما عضَّ الجوع بطونهم قدمت إليهم خبزاً عفناً وهي تقول: هذا خبز محمد! فأهل الباطل يتحركون، وأهل الحق ما زالوا متفرقين، فتحرَّك أيها الحبيب! بقدر ما تملك، وعلى قدر استطاعتك، تحرك لدين الله وادع الناس بالكلمة الطيبة.